[right]بالأمس القريب ذرفت عيون الصالحين، دموع الحزن على فراق رمضان، وها هي اليوم تستقبله بدموع الفرح نسأل الله - عز وجل - أن نكون من أهل رمضان، وممن امتن الله عليهم بقيامه وصيامه، وأن يوفقنا للخير والصلاح والفلاح فيه.
رَمَضَانُ فِي قَلْبِي هَمَاهِمُ نَشْوَةٍ مِنْ قَبْلِ رُؤْيَةِ وَجْهِكَ الوَضَّاءِ وَعَلَى فَمِي طَعْمٌ أُحِسُّ بِهِ مِنْ طَعْمِ تِلْكَ الجَنَّةِ الخَضْرَاءِ قَالُوا بِأَنَّكَ قَادِمٌ فَتَهَلَّلَتْ بِالْبِشْرِ أَوْجُهُنَا وَبِالْخُيَلاَءِ
|
كل هذا الشوق، وكل هذا الحنين، ومع ذلك فهناك من يخسر رمضان، ويخسر فضله وأجره والعياذ بالله!! وربما لم يشعر ذلك الخاسر بلذة الصيام والقيام، ولا يعرف من رمضان إلا الجوع والعطش! فأي حرمان بعد هذا الحرمان نعوذ بالله من الخسران؟!
لماذا إذًا نخسر رمضان؟؟ سؤال يحتاج إلى إجابة. أليس الله يقول: {فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [البقرة: 64] لكني أذكرك وأحذرك من أمور ربما كانت سببًا لخسارة رمضان دون أن تشعر، فإياك إياك أن تخسر رمضان.
ويعلم الله ما أردت إلا الإصلاح، فلعل هذه الوقفات تكون لبنة أولى لكل من سمع هذا الموضوع؛ ليعيد بناء نفسه في هذا الشهر، فحرام أن يمن الله علينا بهذا الفضل، وهو إدراك رمضان، فنكفر هذه النعمة بالإسراف والتبذير في لياليه.
وأسباب خسارته كبيرة فمنها ما يخص الرجال، ومنها ما يخص النساء وربما اشتركا في بعض الأسباب.. وهنا وقفة مع بعض الأرباح في رمضان يبشرك بها الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))، استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطر، شهر العتق من النيران، رمضان إلى رمضان مكفر لما بينهما.
فلماذا يخسر البعض كل هذه الأرباح؟ وما هي أسباب خسارتنا لرمضان؟؟
أولاً عشرون سببًا أخاطب بها المرأة، وربما شارك الرجل في بعضها:
1- الغفلة عن النية وعدم احتساب الأجر، وأنكِ تركت الطعام والشراب، وابتعدت عن الشهوات لله وحده ((إلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ))؛ كما في حديث أبي هريرة، وهو متفق عليه.
2- إهمال الصلوات الخمس، وتأخيرها عن وقتها، وأداؤها بكسل وخمول.
3- السهر، فهو من أعظم أسباب خسارة رمضان، فأكثر النساء يسهرن مع الأخوات على أحاديث القيل والقال، وربما حتى وقت السحر خمس ساعات أو أكثر على شيء غير مفيد.
4- كثرة الخمول والنوم والكسل، ولو نامت الليل لساعات؛ لجلست بعد الفجر في مصلاها تذكر الله، ولأصبحت نهارها طيبة النفس نشيطة.
5- ضياع الوقت في التفنن في المأكولات، والمرأة مشكورة مأجورة لقيامها على الصائمين، ولكن يمكنه اختصار الوقت في مطبخها.
6- سماع الغناء فالأذن تصوم أيضًا، وكيف تتلذذ بسماع القرآن، وهي تسمع قرآن الشيطان، ومنبت النفاق، ورقية الزنا؟!
7- مشاهدة التلفاز و المسلسلات، وسهر ليالي رمضان عليها.
8- قراءة المجلات والروايات والجرائد وما شابهها، وكان السلف يتركون طلب الحديث والعلم في رمضان.
9- التسويف وقد قطع هذا المرض أعمارنا في أفضل الشهور، حتى ليلة القدر لم تسلم من التسويف.. فمثلاً تريد المرأة أن تقرأ القرآن بعد الفجر لكنها متعبة من السهر، وبعد الظهر ولكنها مرهقة، وبعد العصر ولكنها مشغولة في المطبخ، وربما في الليل ولكنها مع القريبات و الجلسات ملتزمة..
10- الخروج للأسواق، وفيه فتن عظيمة، وقد تضيع فيه الحسنات التي جمعتها المرأة في رمضان.
11- التبرج والسفور، فالعباءة ناعمة مزركشة، والنقاب واسع، والعين كحيلتان، والروائح زكية، فما رأيك في قبول صومها؟!
12- الهاتف، إذ تقضي بعض الأخوات أوقاتًا طويلة في استخدامها للهاتف في أحاديث تافهة.
13- الغيبة والقيل والقال، فاحذري اللسان لا يفسد صيامك أخية.. فهل صامت مَن أكلت لحوم الناس وأعراضهم؟؟
14- إهمال العمل الوظيفي بحجة التعب.
15- إهمال تربية الأولاد، فالليل سهر ولعب، والنهار نوم وضياع للصلاة.
16- سوء خلق بعض الأخوات، فتراها سريعة الغضب والسب والشتم، فضيعت صيامها وحُرمت أجره.
17- الطمع والجشع وعدم الإنفاق في رمضان، وللصدقة في رمضان خصائص منها شرف الزمان، إعانة الصائمين على طاعاتهم، الجمع بين الصيام والصدقة موجبة للجنة.
18- صلاة التراويح، فلا تعجبي أن تكون صلاة التراويح سببًا في خسارة رمضان ألخصها في أسباب:
• خروج بعض النساء وهن متبرجات.
• خروجهن وهن متعطرات.
• الخلوة بالسائق الأجنبي الذي جاء بها إلى المسجد.
• اصطحابها الرضع والأطفال مما يشوه على المصلين.
• الجلوس بين الركعات للتحدث في أمور الدنيا، حتى إذا قرب الركوع قامت فركعت!
• صفوف النساء وعدم إتمامها والتراص فيها.
• اختلاط الرجال بالنساء عند الخروج.
19- الحيض والنفاس، ولاشك المرأة تؤجر عليها، فلا تغفلي عن ذكر الله والصدقة والقيام على الصائمين وخدمتهم.
20- الإعجاب بالنفس وأنها أفضل من غيرها وأحسن.
أما الأسباب الخاصة بالرجل:
1- عدم أداء الصلاة مع الجماعة والتساهل فيها((رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إلاَّ الجُوعُ وَالعَطَشُ)).
2- الرياضة، فإذا كان لابد فلتكن الرياضة ساعة أو 2، ثم تنظم المسابقة في تلاوة القران وحفظه.
3- الاستراحات والجلسات والملاحق أصبحت للأسف من أسباب خسارة رمضان.
4- التسكع في الشوارع والأسواق، وإيذاء الناس، والجلوس على الأرصفة.
5- المعاكسات سواءً في الأسواق أو الهواتف.
6- جلساء السوء وأصحاب الهمم الدنيئة.
7- الدخان والشيشة وهي من الأشياء المحرمة التي استمرأها الناس.
8- أكل الحرام ومنه الربا والغش والسرقة.
9- التزييف والخداع والنجش والحلف الكاذب.
10- الانسياق واللهثان وراء التجارة وكسب المال إلى حد التفريط في الواجبات.
11- الإهمال في العمل الوظيفي والتأخر عنه والخروج قبل وقته.
12- التهاون ببعض الذنوب والتعود عليها كحلق اللحية وإسبال الثوب، وهو المسكين لايعدها ذنبًا وهي محسوبة عليه.
13- آفات اللسان كالسباب والشتائم والغيبة وبذاءة اللسان والكذب {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].
14- التساهل وعدم الجدية، ويتضح هذا في كثرة الضحك والتعليق وربما السخرية والاستهزاء.
15- الظلم، فمهما كان لك أعمال صالحة، ومهما حرمت في رمضان، فمادمت ظالمًا أخذت منك هذه الحسنات على قدر مظلمتك.
16- التفريط في النوافل عامة(صدقات- قراءة قران- العمرة- السواك- وركعتي الضحى- وقيام الليل والتراويح- وتفطير صائم).
17- الغفلة عن الغنيمة الباردة (الذكر- الدعاء- الاستغفار) فقد حُرم منه كثير من المسلمين.
18- التقصير في حق الوالدين والزوجة والأولاد، وعدم القيام بحقهم من أهم الأسباب التي يخسر بها المسلم رمضان.
19- الجهل أو التجاهل بفضائل رمضان وعظمته.
20- الغفلة عن الموت ونسيانه.
هذه بعض أسباب خسارة رمضان، ولعلكم تتساءلون ما هو العلاج؟ فأقول انظروا إلى كل سبب من الأسباب السابقة، ولتحاول الابتعاد عنه، وإذا أردنا أن نعلم عظيم خسارتنا لرمضان فلنجب على هذه الأسلة بصراحة تامة.....
• هل تقرأ القرآن بكثرة وهل تختمه بكثرة على الأقل مرة واحدة؟
• هل تحرص على أداء الصلوات في وقتها بطمأنينة وخشوع ومع جماعة المسلمين؟
• هل تحافظ على السنن الرواتب القبلية والبعدية؟
• هل تستحضرين النية في إعدادك للطعام لأهلك وتحتسبين الأجر على الله؟
• هل تصدقت وأطعمتي الطعام؟ فإذا قلتِ نعم، فبكم؟ وهل يقارب ما يصرف على الزينة؟
• هل تحرص على أداء صلاة التراويح بآدابها؟ وأنت هل تحرصين على صلاة التراويح في المسجد أو البيت؟
• كم ساعة تنامون في رمضان؟
• كم شريط نافع سمعته في رمضان؟
• كم ساعة تسهر وتسهرين؟ وعلى أي شيء؟
• كم عدد تلك الدقائق التي نقضيها في التسبيح والتهليل والتحميد؟
• هل وقفنا في مكان خالٍ وفي ظلمة ليل ورفعنا أكف الضراعة بالدعاء؟
• هل تستغلين الحلقات بالمناصحة والتفقه والدعوة إلى الله؟
• هل تجتهدين في طاعة زوجك ورعاية أولادك خلال هذا الشهر؟
• هل طهرنا بيوتنا من المنكرات؟ وهل طهرنا أموالنا من الربا والحرام؟
فاصدق مع نفسك مادام في العمر فسحة قبل أن تندم حين لا ينفع الندم.
عَلَيْكَ بِمَا يُفِيدُكَ فِي المَعَادِ وَمَا تَنْجُو بِهِ يَوْمَ التَّنَادِ فَمَا لَكَ لَيْسَ يَنْفَعُ فِيكَ وَعْظٌ وَلاَ زَجْرٌ كَأنَّكَ مِنْ جَمَادِ سَتَنْدَمَ إِنْ رَحَلْتَ بِغَيْرِ زَادٍ وَتَشْقَى إِذْ يُنَادِيكَ المُنادِي فَلاَ تَفْرَحْ بِمَالٍ تَقْتَنِيهِ فَإِنَّك فِي مَعْكُوسِ المُرَادِ وَتُبْ بِمَا جَنَيْتَ وَأَنْتَ حَيٌّ وَكُنْ مُتَنَبِّهًا مِنْ ذَا الرُّقَادِ يَسُرُّكَ أَنْ تَكُونَ رَفِيقَ قَوْمٍ لَهُمْ زَادٌ وَأَنْتَ بِغَيْرِ زَادِ
|
هذه أربعون سببًا لخسارة رمضان، جمعتها تنبيهًا للغافل، وإعانة للذاكر، وتعليمًا للجاهل، واحذر هذه الأسباب تكن من الفائزين في رمضان.
جعلنا الله وإياك من الفائزين في رمضان وجنبنا الخسران.